نسيج الكون الجزء الخامس - الفضاء على المستوى الذري

الفضاء على المستوى الذرى


فى الوقت نفسة الذى كان فيه أينشتاين يكتشف أسرار الفضاء على أكبر المقاييس وكانت مجموعة أخرى من علماء الفيزياء تستكشف الكون على مقاييس صغيرة جدا وهناك وجدو مجالا مجهولا تماما, لم يعثر فية على فكرة أينشتاين عن الفضاء أبدا.
لفهم ذلك تخيلوا أنه يمكنكم تقليص حجمكم الحقيقي إلى حجم أصغر ببلايين المرات ستجد نفسك فى عالم الذرات والجسيمات دون الذرية وهى المكونات الأساسية لكل شئ يمكننا رؤيته, فعند هذا الحجم الصغير تحكم العالم مجموعة مختلفة من القواعد تدعى ميكانيكا الكم.

وفقا لهذه القواعد حتى لو حاولت إزالة كل ذرة وجسيم ستكتشف أن ذلك الفضاء الفارغ ليس فارغا حقا, فى الواقع إنه يعج بالنشاط حيث تظهر الجسيمات وتخرج من الوجود بشكل دائم, فتظهر من العدم ويبيد بعضها بعضا ويختفى.

فى حين أن النظرية تنبأت بهذا لم يتحدث أحد عن الموضوع قبل عام 1948 إلى أن إقترح عالم إسمه هندريك كازيمير, أنه على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية هذه الجسيمات لكن ينبغى أن تسبب نشاطا ما فى الفضاء الفارغ يمكننا رؤيته.

وتوقع أنه إذا أخذنا لوحين معدنيين عاديين ووضعناهما قريبا جدا من بعضهما لنفترض أقرب إلى بعضهما من سماكة ورقة عندها ستستبعد جسيمات بطاقات محدده لأنه بشكل ما لن تتسع بين اللوحين.

مع أكثر من هذا النشاط المحموم خارج اللوحين مقارنة بداخلهما إعتقد كازمير أن اللوحين سيندفعان إلى بعضهما بما نفكر فيه عاده كفضاء فارغ, وبعد عدة سنوات وعندما أجريت التجربة, أثبت أن كازمير كان محق, ففى الفضاء جذبت الألواح إلى بعضها, لذا على مقياس ذرى الفضاء ليس ليس فارغا أبدا, إنه ملئ بالنشاط لدرجة أنه قادر على أن يجبر الأجسام على التحرك.
واليوم السعي لفهم الفضاء على النطاق الذرى يستمر مع أحد التجارب العلمية الأكثر كلفة فى التاريخ.

مصادم الهادرونات الكبير.

سيرن هي المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية فى جنيف, وعلى عمق أكثر من 50 مترا تحت الأرض يوجد مصادم الهادرونات الكبير أقوى معجل ذرى فى العالم, مع سعر يصل إلى حوالى عشرة مليارات دولار يعجل مصادم الهادرونات الجسيمات دون الذرية إلى أكثر من 99.99 من سرعة الضوء ويضربها ببعضها.
مصادم الهادرونات الكبير

وتحت مرشات الحطام التي تنتجها هذه التصادمات إكتشف العلماء فى أماكن مثل هذه - أى على المستوى الذري - حديقة كاملة من جسيمات غريبة وعجيبة, حتى أصبح أمامها مهمة شاقة وهى مطاردة واحد من الأشياء الأكثر مراوغة, جسيم يعتقد أنه ضروري لتشكيل كل شئ من الذرات فى أجسامنا إلى النجوم والكواكب, وإذا تم العثور على هذا الجسيم فسيعيد تعريف نظرتنا إلى الفضاء ويحقق سعيا بدأ منذ أكثر من 50 عاما.

بوزون هيجز.


بدأ كل شئ فى عام 1964 عندما إقترح فيزيائى إنجليزي شاب يدعى بيتر هيجز شيئا عن الفضاء وكان هذا الشئ جذريا لدرجة أنه كاد أن يدمره. كان هيجز وعدد قليل من الأشخاص يتصارعون مع اللغز الذى يصل إلى هذا, الجسيمات الأساسية فى الكون كلها تحتوى على كميات مختلفة من الكتلة, التي نفكر فيها عادة بإعتبارها الوزن, ومن دون الكتلة لن تنجح هذه الجسيمات أبدا لتشكل الذرات المألوفة التي تشكل كل الأشياء التي نراها فى العالم حولنا.

من أين تأتى كتلة الجسيمات؟

ما هو الذى يتسبب بالكتلة ولماذا تملك الجزيئات المختلفة كتلا مختلفة, حاول العلماء كثيرا ولم يتمكن أحد من الإجابة على هذا السؤال المحير, ثم فى نهاية أسبوع وبعد جولة سيرا على الأقدام خارج إدنبرة خطرت لهيجز فكرة غريبة, بإستخدام الرياضيات تصور الفضاء بطريقة جديده كشئ مثل المحيط والجزيئات مغمورة فى هذا المحيط وتكسب الكتلة عندما تتحرك عبرة.
تخيل حركة الجزيئات فى محيط هيجز

ولتوضيح الأمر فكر فى كتلة الجسيم مثل شهرة ممثل ومحيط هيجر هو المصورين والمعجبين, فإن بعض الجزيئات مثل الممثلين غير المعروفين تمر عبرة بكل سهولة المصورين والمعجبين غير مهتمين بهم ببساطه, لكن جزيئات أخرى مثل نجوم التمثيل تضطر إلى الدفع والضغط وكلما كافحت هذه الجزيئات لتمر تفاعلت مع المحيط وكسبت كتلة أكثر.

كان هيجز مقتنعا بأنه قام بإكتشاف عظيم ولكن عندما قدم فكرته لمجلة فى سيرن تم رفضها, ولم يحبط هذا عزيمة هيجز الذى طور نظريته أكثر حتى أتته الفرصة لتقديمها فى مكان أينشتاين القديم معهد الدراسات المتقدمة فى برينستون.
هناك توقع أن تلاقى فكرتة الجديدة بعض أصعب المنتقدين, لكن هيجز ثابر وكانت المقابلة هي الأولى فى سلسلة من المحادثات التي ستقنع الزملاء من القاصي والداني بأنهم كانو أمام فكرة عميقة.

اليوم الفكرة التي كان هيجز رائدها والتي تعرف بمجال هيجز مهمة جدا لفهمنا للفضاء, فمجال هيجز موجود فى كل مكان إنة شئ يملك تأثيرا حتى فى الفراغ الأكثر فراغا فى الفضاء, ولهذه الفكرة إستحق هيجز الفضل لكونة أحد الناس الذين قالوا أن الفضاء هو أشياء ويملك خصائص جوهرية فية لا يمكننا التخلص منها أو إيقاف تشغيلها.
محاكاه لتصادم الجزيئات داخل مصادم الهادرونات الكبير

وكان التحدي الحقيقي هو إثبات وجود مجال هيجز بدليل مادى يمكن قياسة. وكان هذا دور مصادم الهادرونات  الكبير فى سيرن حيث يحاول العلماء أن يضربوا الجزيئات بقوة بالكثير من الطاقة ما سينجم عنه جسيم صغير من تلقاء نفسة وكأننا نحاول أن ننزع قطعة من الفضاء.
وبعد العديد من المحاولات التى أعيت العلماء وفقدو الأمل فى العثور على الجزيء, تم إكتشاف إشارات قوية عام 2011 لوجود جسيم هيجز وفى 4 يوليو 2012 أعلن مختبر سيرن أنهم وجدو جسيم هيجز الذى تنبأ به بيتر هيجز عام 1964 و فى عام 2013 حصل هيجز على جائزة نوبل فى الفيزياء.
ويعتبر جسيم هيجز معلم رئيسيا وقد أثبت بالفعل أن الفضاء الأكثر فراغا له تأثير على المادة, ولكن لم يكن هذا نهاية الطريق فقد أظهرت النظريات أن الفضاء يحتوى على عنصر مراوغ محير أكثر بكثير من أي شئ تخيلة هيجز عنصر يحمل حل اللغز الأعظم بين جميع الألغاز وهو مصير الكون.
الطاقة المظلمة.

Share on Google Plus

عن SiTech

0 التعليقات:

إرسال تعليق