كيف تعمل أقراص التخزين الصلبة؟

تخيل طائرة يمكنها التحليق على إرتفاع 1 مليمتر فوق الأرض وتدور حول الكرة الأرضية مرة كل 25 ثانية وأثناء دورانها تقوم بعد كل عشبة خضراء على الأرض.
إذا قمت بتصغير الطائرة وكوكب الأرض بحيث يصبح حجمهما لا يزيد عن كف يدك فإنك ستحصل على شئ مشابة لعمل القرص الصلب الحديث.
هذا الجهاز الذى يمكنه تخزين البيانات بحجم أكبر من أى عدد من الكتب التى أمتلكتها طوال حياتك.

كيف تخزن البيانات فى هذه المساحة الصغيرة؟

إذا كيف يمكن تخزين هذا الحجم الهائل من المعلومات فى هذه المساحة الصغيرة, علينا أن ننظر داخل تلك الأقراص ونرى أولا محتوياتها وكيف تعمل.
فى داخل القرص الصلب مجموعة من الأقراص التى تدور بسرعة عالية جدا مع رأس للتسجيل تطوف فوق كل قرص, وكل قرص مغطى بحبيبات مجهرية من المعدن الممغنط.

والمعلومات المحفوظه على القرص ليست فى شكل يمكن ملاحظتة, ولكنها مسجلة فى نمط مغناطيسى تشكلة مجموعة من تلك الحبيبات المعدنية وكل مجموعة تسمى بت.

شكل تخيلى للحبيبات المعدنية مقسمة إلى مجموعات(بتات)

وتمتلك جميع الحبيبات حالة واحدة من حالتين ممكنتين لإصطفاف مجالها المغناطيسى - كما هو موضح فى الصور - والتى يتم تفسيرها إلى صفر أو واحد.

طريقة كتابة وقراءة المعلومات من القرص الصلب

وتكتب البيانات على القرص عن طريق تحويل سلاسل البتات- صفر أو واحد - إلى تيار كهربائى يغذى محول كهرومغناطيسى.
يقوم المغناطيس فى هذا المحول بتوليد حقل مغناطيسى قوى بما فية الكفاية لتحويل الحالة المغناطيسية التى تكون عليها الحبيبات - تغيير إتجاه حقلها المغناطيسى - وبمجر أن تكتب تلك المعلومات على القرص فإنه يستخدم قارئ معناطيسى يقوم بتحويل تلك البتات إلى حالة يمكن قراءتها والإستفادة منها, تماما كما تقوم الإبرة فى الفونوغراف بتحويل الإحتكام بالقرص إلى موسيقى.

هنا يقوم المحول بتغيير الإتجاه المغناطيسى للحبيبات حسب البيانات بزود بها

تحويل الأحاد والأصفار إلى معلومات

لكن كيف يمكن الحصول على هذا الكم الهائل من المعلومات فقط من الأصفار والأحاد.
يحدث ذلك عن طريق وضعهم فى صفوف مع بعضهم على سبيل المثال فإن الحرف الواحد يمثل ببايت واحده أو 8 بتات.

A = 01000001

a = 01100001

B = 01000010

b = 01100010

C = 01000011

c = 01100011

ومتوسط حجم الصورة هو 1 ميجابايت والتى تساوى 8 مليون بت, ولأن كل بت هو عبارة عن مساحة فزيائية على القرص فإننا نحاول دائما أن نزيد فى كثافة القرص أو زيادة عدد البتات فى الإنش المربع.

كثافة سطح الأقراص الصلبة الحديثة تصل إلي 600 جيجابايت لكل إنش مربع وهذا أكبر بـ 300 مليون مرة من أول قرص صلب قامت شركة IBM بإنتاجة عام 1957.

هذه الزيادة الهائلة فى الحجم لم تكن بتصغير كل شئ فحسب وإنما بنيت على العديد من الإختراعات.

منها تقنية "Thin Film Lithography Process" والتى تسمح للمهندسين بتصغير القارئ والكاتب وبغض النظر عن حجم القارئ فإنة أصبح أكثر حساسية وذلك عن طريق الإستفادة من الإكتشافات الجديدة فى الخصائص المغناطيسية و الخصائص الكمية للمادة.

كما أمكنهم تخزين البتات بشكل متقارب جدا مع بعضها عن طريق الخوارزميات الرياضية التى تقوم بترشيح الضجيج الذى يحدث من تداخل الحقول المغناطيسية للحبيبات المجهرية الممغنطه.

التداخل بين الحقول المغناطيسية فى الأعلى وفى الأسفل تم حذف الضجيج

والتحكم فى مقدار التمدد الحرارى لرأس القارئ والكاتب وذلك بوضع مسخن أسفل القارئ المغناطيسي ما يمكنه من الطواف فوق سطح القرص بمسافة 5 نانومتر وهذا بعادل تقريبا عرض سلسلتان من الحمض النووى.

قانون مور

فى العقود الماضية أصبح معدل نمو المساحة التخزينية والمعالجة الحاسوبية يتبعان نمط معينا أطلق عليه قانون مور.

وهو غوردون مور أحد مؤسسى شركة إنتل الذى قد تنبأ عام 1975 بأن كثافة المعلومات ستتضاعف كل عامين, ولكن عند حدود 100 جيجابايت للإنش وتقليص حجم الحبيبات المغناطيسية أو بتجميعهم بالقرب من بعضهم, ظهرت مشكلة جيدة تسمى "Superparamagnetic Effect" .

عندما يكون حجم الحبيبات المغناطيسية صغير جدا فإن مغناطيسيتها تتشوه بسهولة عن طريق الطاقة الحرارية وتغير إتجاه إصطفافها بشكل غير مقصود ما يغير قيمتها والذى يتسبب فى فقدان البيانات.

قام الباحثون بحل هذه المشكلة بطريقة بسيطة وملفتة للنظر فقامو بتغيير التسجيل من شكل طولى إلى شكل عمودى وهذا الأمر سمح بالوصول إلى كثافة سطحية تصل إلى واحد تيرابايت بالإنش المربع.

الإصطفاف الطولى الإسطفاف العمودى

ومؤخرا إرتفع الحد مرة أخرى وذلك من خلال التحكم الحرارى بالتسجيل المغناطيسى مما يجعل التسجيل أكثر إستقرارا حيث أن المقاومة المغناطيسية قد إنخفضت وذلك بتسخين البقعة المراد التخزين فيها بالليزر والسماح للمعلومات أن تكتب, وما زالت هذه الأبحاث قيد التجربة إلا أن الباحثين لديهم فرض لذيادة المساحة حتى الوصول إلى 20 تيرابايت فى الإنش المربع أو أكثر.

ولا تنسى أن كل هذا فى حجم لا يتعدى كف يدك.