البراكين الفائقة هل يمكنها تدمير الحياة علي الأرض أم لا؟
فبعد عامين من قلة المحاصيل ، اتى الربيع بأمطار قوية وبرد شديد مما ادى الى فيضان الانهار وتلف المحاصيل من الجزر البريطانية الى سويسرا, في نفس الوقت هطل ثلج غريب اللون في ايطاليا وهنغاريا ، واعقب ذلك مجاعة واعمال شغب وأوبئة . في ذات الوقت غطى نيو إنغلاند ضباب غريب لا ينقشع . كما ان الارض تجمدت حتى شهر يوليو ، وسميت تلك السنة ب "السنة التي لا صيف فيها" .لدرجة اعتقاد البعض ان تلك كانت نهاية العالم.
وقد عبر "اللورد بايرن" عن تلك الحالة في قصيدته " الظلام" حيث قال "رأيت حلما لم يكن حلما على الاطلاق ، انطفأت الشمس المشرقة ، وهامت النجوم مظلمة في الفضاء الابدي دون شعاع او طريق، واصبحت الارض المتجمدة عمياء مظلمة ، في هواء لا قمر فيه، اتى الفجر وانقضى ثم اتى ولم يجلب النهار".
بركان جبل تامبورا العملاق
لم يكن بوسعهم ان يعلموا ان السبب الحقيقي وراء تلك المصائب كان قد حدث قبل عام على بعد آلاف الاميال ، وهو ثوران بركان جبل تامبورا, عام 1815 في جزيرة "سومباوا" في "اندونيسيا" ويعرف ذلك البركان باسم "البركان العملاق" وتميز بأن المواد التي يطلقها تبلغ اضعاف ما تطلقه البراكين العادية.في حين ان الصورة العامة التي ياخدها الجميع عن البراكين هي الصخور المنصهرة التي تجتاح الاراضي حولها . إلا أن المتسبب في دمار كبير هو ما يبقى في الهواء .
وهو الرماد البركاني المنتشر بفعل الرياح والذي يمكن ان يغطي السماء لعدة ايام ، في حين تتفاعل الغازات السامة كثاني اكسيد الكبريت في الجو فتحجب اشعة الشمس وتقوم بتبريد الجو تبريدا شديدا, والشتاء البركاني الذي ينجم عن ذلك بالاضافة لآثار اخرى كالامطار الحمضية ، يمكن ان يؤثر على عدة قارات.
فتختل دورة الطبيعة وتفتك بالنباتات التي تعتمد عليها كائنات اخرى بما فيها الانسان. بانطلاق حوالى 160 كيلو متر مكعب من الصخور والغازات والرماد فان ثوران جبل تامبورا كان اضخم ثوران سجله التاريخ، وقد تسبب بما لا يقل عن 90.000 حالة وفاة. إلا انه سبق لثورات البراكين ان تسببت بمقدار اكبر من حالات الوفاة إذ يرجح ان "بركان هواينابوتينا" في البيرو" عام 1600 قد تسبب في المجاعة في روسيا
التي اودت بحياة مليوني انسان . كما ان ثورانات أقدم تسببت في احداث عالمية كبرى كسقوط سلالة "شيا" في "الصين" واندثار الحضارة المينوسية.
البراكين الهائلة علي كوكب الأرض
ان احد اخطر انواع البراكين الضخمة هي الكالديرا المتفجرة والتي تتشكل عند انهيار جبل بركاني بعد ثوران كبير لدرجة ان حجرة الصهارة التي باتت خاوية غير قادرة على حمل وزنها . لكن رغم اختفاء البركان الموجود على سطح الارض إلا ان النشاط البركاني يستمر تحت الارض, ومن دون وجود وسيلة للتفريغ فان الصهارة والغازات البركانية تستمر فى التراكم والتوسع تحت الارض فيتجمع الضغط الى ان يصبح حدوث انفجار كبير وعنيف امرا محتوما .وتقع احدى اضخم الكالديرات النشطة تحت حديقة يلوستون الوطنية . وكانت اخر مرة ثارت فيها قبل 650 الف عام فغطت معظم امريكا الشمالية بحوالي مترين من الرماد والصخور.
يراقب العلماء البراكين النشطة حول العالم. كما تطورت اجراءات توقع الثورانات ، وعمليات اجلاء السكان ، وتغيير مسار الحمم البركانية عبر الزمن.
لكن حجم الاضرار الهائل وقدرة البراكين العملاقة على إحداث تأثير على نطاق عالمي يعني أن الكثيرين لن يجدوا مكانا للهرب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق