الإندماج النووي, هل هو طاقة المستقبل؟

ما هو الإندماج النووي, و هل هو طاقة المستقبل؟


العملة الأساسية لكوننا هي الطاقة, فهي تضئ منازلنا و تنمي طعامنا و تشغل حواسيبنا, و يمكننا الحصول علي الطاقة من عدة طرق بداية من حرق الوقود الأحفوري أو شطر الذرات أو من خلال أشعة الشمس الساقطة علي الخلايا الكهروضوئية.

لكن هناك جانب سلبي لكل شئ فالوقود الأحفوري سام جدا و الطاقة النووية كذلك و لا يوجد ما يكفي من البطاريات في العالم لتخزين أشعة الشمس للأيام الغائمه حتي الآن, و حتي الآن عمليا فإن الشمس لديها طاقة غير محدودة, فهل هناك طريقة يمكننا بها توفير الطاقة بنفس ألية الشمس و عملها؟

كيف يحدث الإندماج النووي؟

تسطع الشمس بسبب الإندماج النووي, و بإختصار الإندماج هو عملية نووية حرارية, بمعني أنه لكي تندمج أنوية الذرات مع بعضها لابد أن تكون ساخنة جدا جدا لدرجة أن الذرات تتجرد من الإلكترونات حيث تتكون البلازما عندما تكون أنوية الذرات و الإلكترونات حرة الحركة.

لكن أنوية الذرات موجبة الشحنة فتتنافر مع بعضها و للتغلب علي هذا التنافر يجب أن تكون الذرات سريعة جدا جدا و في هذه الحالة سريعة جدا تعني ساخنة جدا أي ملايين الدرجات من الحرارة.
النجوم توفر تلك الحرارة لأنها ضخمة جدا و الضغط في قلب النجم يولد الحرارة لضغط الأنوية معا حتي تندمج أنوية الذرات معا لتكون أنوية عناصر أثقل و تنتج كمية من الطاقة و الإشعاعات من تلك العملية. فهي عملية تحرير الطاقة.



و يأمل العلماء أن يتمكنوا من تسخير عملية الإندماج النووي في جيل جديد من محطات توليد الطاقة مفاعل الإندماج النووي.

علي الأرض غير ممكن عمليا إستخدام هذه الطريقة ذات القوة الهائلة لإنتاج الإندماج, لذلك إذا أردنا بناء مفاعل يولد الطاقة من الإندماج النووي يجب أن نكون أكثر ذكاء, حتي الآن إبتكر العلماء طريقتين لجعل البلازما حارة بما يكفي للإندماج.

 النوع الأول Magnetic Confinement Reactor

النوع الأول: من المفاعلات يستخدم حقل مغناطيسي لضغط البلازما في غرفة علي شكل كعكة حيث تحدث التفاعلات, و تسمي مفاعلات الإحتواء المغناطيسي مثل مفاعل ITER في فرنسا, تستخدم مغانط كهربائية فائقة التوصيل تبرد بإستخدام الهيليوم السائل إلي حدود عدة درجات فوق الصفر المطلق, ما يعني أن تلك المفاعلات تستضيف بعض أكبر تدرجات الحرارة في الكون المعروف.

النوع الثاني Inertial Confinement Reactor


النوع الثاني يدعي مفاعل الإحتواء بالقصور الذاتي, حيث يستخدم نبضات من الليزر عالي الطاقة لتسخين سطح كتلة من الوقود مما يجعل كتلة الوقود تنهار أو بمعني أخر تجعل الوقود ساخن جدا و كثيف بما يكفي للإندماج, و الحقيقة فإن واحد من أقوي أجهزة الليزر في العالم يستخدم في تجارب الإندماج داخل منشأة الإشعال الوطني بالولايات المتحدة.

هذه التجارب و التجارب الأخري المشابهة  لها حول العالم لا تزال حتي اليوم مجرد تجارب, و لا يزال العلماء مستمرين بتطوير هذه التكنولوجيا, و بالرغم أنهم قادرين علي تحقيق الإندماج إلا أن تلك التجارب تستهلك طاقة هائلة جدا في مقابل ما تنتجه من طاقة فتلك التكنولوجيا لا يزال أمامها طريق طويل حتي تصبح متاحة تجاريا, أو انها لن تصبح كذلك أبدا.

فقد يكون من المستحيل جعل مفاعل الإندماج النووي قابل للتطبيق علي الأرض, لكن إذا تمكننا من ذلك فإنه سيكون فعال جدا, حيث أن كوب واحد من مياه البحر يمكن أن يستخدم لإنتاج طاقة تعادل إحتراق برميل نفط بدون أي مخلفات تذكر.

ذلك لأن مفاعلات الإندماج النووي تستخدم الهيدروجين أو الهيليوم كوقود, و مياه البحر غنية بالهيدروجين, و لكن ليس أي هيدروجين يمكن أن يستعمل فهناك نظائر معينة تحتوي نيوترونات إضافية تدعي ديوتريوم -ذرة هيدروجين تحتوي علي بروتون واحد و نيوترون واحد - و النظير الأخر هو تريتيوم - ذرة هيدروجين تحتوي علي بروتون واحد و نيوترونان- الديوتريوم نظير مستقر و يتواجد بوفرة في مياه البحر أما التريتيوم فهو مراوغ بعض الشئ و يصعب العثور عليه و ربما يوجد منه حوالي 20 كيلوجرام في العالم أجمع معظمها في الرؤوس النووية الحربية مما يجعله مكلف بشكل لا يصدق.


لذلك ربما نحتاج إلي مادة نظير إندماج أخر لإندماج الديوتريوم بدلا من التريتيوم و في تلك الحالة هناك هيليوم-3 و هو نظير الهيليوم سيكون بديلا رائعا, و لسوء الحظ أنه نادر جدا علي الأرض لكن في تلك الحالة قد يكون القمر هو الحل, فعلي مدار مليارات السنين فإن الرياح الشمسية قد تسببت في تراكم كميات هائلة من الهيليوم-3 علي سطح القمر فبدلا من صنع الهيليوم-3 يمكننا التنقيب عنه علي القمر إذا تمكننا من غربلة الغبار القمر سنحصل علي و قود كافي لتزويد العالم بالطاقة لآلاف السنين.

ربما تعتقد أن بناء شمس مصغرة علي الأرض لا يزال خطرا نوعا ما, لكن في الحقيقة هي أكثر امانا من محطات الطاقة الأخري, فمفاعل الإندماج ليس مثل محطات الطاقة النووية التي تعمل بالإنشطار و التي يمكن أن تنصهر بشكل كارثي.
ففي مفاعل الإندماج إذا فشل الإحتواء فإن البلازما يمكن أن تتمدد و تبرد و عندها يتوقف التفاعل أي ببساطه أنها ليست قنبلة, أما تسرب الوقود المشع مثل التريتيوم قد يشكل تهديدا للبيئة التريتيوم يمكن أن يرتبط مع الأكسجين مكونا ماء مشع و التي تكون خطرة إذا تسربت إلي البيئة و لحسن الحظ لا يوجد أكثر من جرامات قليلة من التريتيوم قيد الإستخدام في الوقت الحاضر لذلك أي تسرب يمكن إنهاءه بسرعة.

إذا كل ما سبق يعني أن هناك طاقة غير محدودة تقريبا يمكن إمتلاكها و بدون تأثير علي البيئة من خلال شئ بسيط و مثل الماء. إذا ما الأمر؟
التكلفة, ببساطة نحن لا نعلم إذا كانت طاقة الإندماج يمكن العمل بها من الناحية التجارية أم لا, حتي إذا كان يمكن العمل بها سيكون بناءها مكلف للغاية, و العيب الرئيسي فيها هو أنها تكنولوجيا غير مثبتة و ستكون مثل المقامرة بمبلغ 10 مليارات من الدولارات و الأفضل لتلك الأموال أن تنفق علي أنواع أخري من الطاقة النظيفة التي أثبتت فعاليتها.


Share on Google Plus

عن Abo Ghazy

0 التعليقات:

إرسال تعليق