نسيج الكون الجزء الثانى- كيف نظر نيوتن وأينشتاين للفضاء؟

الفضاء بين نيوتن وأينشتاين


فى الجزء السابق عرفنا أن الفضاء هو الشئ الأكثر وفرة فى الكون حيث تسبح فيه النجوم والمجرات وحتى على المستوى الذرى فإن الفضاء يملأ جميع الفراغات من حولنا فهو موجود فى كل مكان.

إسحق نيوتن.

كان تصور نيوتن رائد العلم الحديث للفضاء على أنه خشبة مسرح فارغه, بالنسبة لنيوتن كان الفضاء هو الإطار لكل شئ يحدث فى الكون أو الحلبة حيث تمثل الدراما الكونية, وكانت خشبة مسرح نيوتن ثابتة مطلقة وأبدية وغير متغيرة.
لم تستطع الأحداث التأثير على خشبة المسرح , ولم تستطع خشبة المسرح التأثير على الأحداث.
ومن خلال تصور الفضاء بهذه الطريقة كان نيوتن قادرا على وصف العالم كما لم يفعل أحد من قبلة, حيث سمحت له خشبة مسرحه غير المتغيرة بأن يفهم تقريبا كل الحركة والأحداث التي يمكننا أن نراها من حولنا, وصاغ قوانين يمكنها التنبوء بحركة كل شئ من الطريقة التي يقع فيها التفاح عن الأشجار إلى مسار الأرض حول الشمس.

عملت هذه القوانين بشكل ممتاز لدرجة أننا لا نزال نستخدمها فى الأشياء التي نقوم بها اليوم من إطلاق الأقمار الصناعية إلى الهبوط بالطائرات, والقوانين جميعها تعتمد على فكرة غير إعتيادية واحدة وهى أن الفضاء حقيقي.

على الرغم من أننا لا نستطيع رؤيته أو شمه أو لمسة فإن الفضاء حقيقي ومادى بما يكفي لتوفير مقياس لأنواع محدده من الحركة مثل حركة متزلجة على الجليد وهى تدور حول نفسها سيقول نيوتن إنها عندما تدور تتباعد زراعيها لأنها تدور نسبة إلى شئ ما وهذا الشئ هو الفضاء نفسة.

حصدت خشبة مسرح نيوتن مكانا كبيرا وتمتعت بأضواء الشهرة لأكثر من مئتي عام, ولكن فى العقود الأولى من القرن العشرين ظهرت مجموعة جديده من الأفكار هزت خشبة مسرح نيوتن من أساسها, أفكار طرحها موظف شاب يعمل فى دائرة تسجيل براءات الإختراع السويسرية وإسمه ألبيرت أينشتاين.

ألبرت أينشتاين.

ترعرع أينشتاين فى أواخر القرن التاسع عشر فى فجر عصر الكهرباء, كانت الطاقة الكهربائية تضئ المدن وتؤدى إلى جميع أنواع التقنيات التي لم يكن نيوتن ليتخيلها أبدا.
كل هذه التطورات وصلت إلى شئ أثر أينشتاين منذ الطفولة وهو الضوء , ليس مصابيح الشوارع بل طبيعة الضوء نفسها, كان إفتتانه بميزة واحدة غريبة للضوء وهى سرعته, ذلك الشئ الذى سيقود أينشتاين إلى قلب صورة نيوتن عن الفضاء.

ماذا وجد أينشتاين فى سرعة الضوء؟

إذا كان لديك رادار يمكنه قياس سرعة الضوء ستجد أن الضوء يتحرك بسرعة تزيد عن مليار كيلومتر فى الساعة, ويشكل أكثر دقة فإن الضوء يتحرك بسرعة 1079252850 كم/س أو ما يساوى 300 ألف كيلومتر فى الثانية الواحدة.


لنفترض أنك تقود سياره بسرعة 298 كيلومتر فى الثانية أي أقل من سرعة الضوئ بألفي كيلومتر فسترى الضوء يمر بجانبك بسرعة ألفى كيلومتر فى الساعة, ولكن العجيب أن ما يحدث مختلف تماما.

فبعد العديد من التجارب والإختبارات ثبت أن سرعة الضوء لن تتغير وسترى الضوء يمر بجانبك بسرعة 300 ألف كيلومتر فى الساعة, أي أن الضوء ستبقى سرعتة ثابته بغض النظر عن السرعة التي تتحرك أنت بها سواء كنت تتحرك أم لا.

كيف يمكن لسرعة الضوء أن تكون ثابته كذلك؟

كيف يمكن لكل قياسات الضوء أن تخرج بنفس النتيجه؟ هذا التساؤل هو الذى قاد أينشتاين لحل هذا اللغز المدهش, مع العلم بأن السرعة هي مجرد مقياس للمكان الذى يسافر عبرة شئ ما خلال زمن معين.

إقترح أينشتاين فكرة مذهلة حقا, هي أن المكان والزمان يمكنهما أن يعملا معا ويتعدلان بإستمرار عبر سرعة الضوء الصحيحة, لدرجة أنه مهما كان سرع تحركنا عند قياس سرعة الضوء فالنتيجة دائما 1080 مليون كم/س.
وللحفاظ على تلك الميزة الفريدة للضوء كان لزاما على الزمن والفضاء أن يختلطا ببعضهما فى تناغم تام ويتعدلان بشكل مستمر أي أنهما لم يعودا مطلقين بعد الأن.

ولكن إذا كانت فكرة مرونة المكان والزمان تبدوان غير عادية فهذا لأننا لا نتحرك بسرعة كافية لنشعر لذلك, ولكن إذا كانت سيارتك تتحرك بسرعة الضوء ومرت أمام شخص ما فسيرى هذا الشخص أن الفضاء يتعدل لذا ستبدو سيارتك بطول سنتيمترات فقط وسيسمع تكتكت مرور الوقت ببطئ فى ساعتك, ولكن داخل السيارة سيمر الوقت بشكل طبيعي عليك ولن يتغير شكل الفضاء داخل السيارة.

ولكن عندما تنظر خارج السيارة سترى الفضاء يتعدل بنسبة كبيرة وكل ذلك لتبقى سرعة الضوء ثابتة.
لذ مع أينشتاين فإن الزمان والمكان لم يعودا جامدين مطلقين بدلا من ذلك يختلطان معا بينما تشكل الحركة كيان واحد أطلق عليها لاحقا الزمكان.
Share on Google Plus

عن SiTech

0 التعليقات:

إرسال تعليق