نسيج الكون الجزء الثالث - هل للفضاء خصائص؟

هل للفضاء خصائص؟


عرفنا فى الجزء السابق أن أينشتاين قد توصل إلى أن الزمان والمكان مرتبطان بشكل ما وذلك نتيجة للسرعه الثابتة للضوء, فنجد الزمان والمكان يتعدلان بشكل محدد نسبة إلى السرعه أو الحركة التي تحدث خلالهما وهذا ما  جعله يطلق عليهما إسم الزمكان.

بهذا التصور أصبح فى يدى ألبرت أينشتاين هذه الصورة الجديدة للفضاء والتي ستحل لغزا عميقا مرتبطا بقوة مألوفة أكثر من غيرها فى الكون وهى الجاذبية.


عرف نيوتن أن الجاذبية هي قوه تجذب الأجسام بعضها إلى بعض وتنبأت قوانين نيوتن بقوة هذه القوة بدقة متناهية لكن كيف تعمل الجاذبية حقا ؟ كيف تجذب الأرض القمر عبر مئات الألاف من الأميال فى الفضاء الفارغ ؟ فالأرض والقمر يتصرفان وكأنهما مربوطان بنوع من حبل خفى, ولكن لم يكن ذلك صحيحا بالطبع ولم تقدم قوانين نيوتن أي تفسير.

إكتشف أينشتاين أنه ليس هناك رقع قد تصلح الجاذبية النيوترونية, فكان علية أن يفهم ألية عملها بشكل جديد , فبعد التفكير فى هذه المشكلة المحيرة لأكثر من عشر سنوات وصل أينشتاين إلى إستنتاج مذهل, يكمن سر الجاذبية فى طبيعة الزمكان وقد كان حتى أكثر مرونة مما أدرك فى السابق يمكن للزمكان أن يتمدد مثل نسيج حقيقي, فكان هذا تفكيرا جذريا حقيقيا عن أفكار نيوتن.

كيف يتمدد الزمكان؟
إذا إفترضنا إن طاولة بلياردو مثل الزمكان أو الفضاء والكرات على سطحها تمثل الأجسام فإن حركة هذه الأجسام ستكون دائما فى خط مستقيم.

ولكن إذا كان الفضاء مثل نسيج يتمدد ويلتوى وقد يبدو هذا غريبا بعض الشئ, لكن إذا وضعت جسما ثقيلا على نسيج الزمكان القابل للإنضغاط فسيحدث إنبعاج فى النسيج يحيط بهذا الجسم الثقيل وتتحرك الكرات -الأجسام- على طول الإنبعاج الذى صنعه الجسم الثقيل. و أدرك أينشتاين أن الجاذبية تعمل بهذه الطريقة فى الواقع إنها إنبعاج الزمكان الذى تسببة الأجسام داخله, بعبارة أخرى الجاذبية هي شكل الزمكان نفسة.

يبقى القمر فى المدار ليس لأنه يجذب إلى الأرض بفعل قوة غامضة ولكن لأنه يتحرك على نحو حثيث على طول إنبعاج فى نسيج الزمكان الذى تسببة الأرض, وهكذا فجأه أصبح للفضاء خصائص وأصبح للفضاء إنحناءات كما أصبح للفضاء نوع مرن من الهندسة تقريبا كورقة مطاطية.

فى حين أن نيوتن رأى الكون ثابتا رأه أينشتاين ديناميكيا, إنه متشابك مع الزمن ويملى كيفية تحرك الأجسام, لذلك بعد أينشتاين لم يعد من الممكن التفكير فى الفضاء كخشبة مسرح ثابتة إنه ممثل ويلعب دورا رئيسيا فى الدراما الكونية.

الأن نفكر فى الفضاء كديناميكي ونشط ومرن مثل نسيج, ولكن هل هو كذلك حقاً؟ هل هذه مجرد إستعارة أم أنها تصف ما هو الفضاء حقا, ولكن كيف لنا أن نسبت ما نعرفه عن حقيقة الفضاء؟ تتوقع نظرية أينشتاين أن طريقة من الطرق للإختبار تتضمن القيام برحلة صغيرة إلى حافة الثقب الأسود.

الثقوب السوداء ؟
الثقوب السوداء هي نجوم منهارة أي أجسام ضخمة سحقت إلى جزء صغير من حجمها الفعلي, والجاذبية حولها قوية جدا لدرجة أنه بحسب رياضيات أينشتاين يستطيع ثقب أسود دوار أن يجر الفضاء حرفيا معه ويلوية كقطعة قماش, ولكن يبعد أقرب ثقب أسود تريليونات الكيلومترات ما يجعل إختبار هذا التنبوء مستحيلا.

ولكن فى أواخر خمسينيات القرن العشرين بدأ عالم فى الفيزياء إسمه لينرد شيف بالبحث عن وسيلة لإختبار أفكار أينشتاين عن الفضاء فى كوكبنا وهذا ما قاده مع إثنين من زملائه إلى إحدى أطول التجارب فى التاريخ.
وهذا ما سنتحدث عنه فى الجزء التالي.

Share on Google Plus

عن SiTech

0 التعليقات:

إرسال تعليق